إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا
معشر المصلين : عبادة عظيمة أخبر عنها النبي صلى الله عليها وسلم بأنها تعدل نصف الإيمان نزاولها في كل يوم ألا وهي عبادة الوضوء والتطهر قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي مالك " الطهور شطر الإيمان وفي رواية الوضوء شطر الإيمان " وهذا يدل على شرفها وعظمها فلم يرد عبادة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف ولهذا عظم ثواب هذه العبادة كما في صحيح مسلم عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ما من مؤمن مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب عليه فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارة لما بينهن وعن عقبة عن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو يسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء فانظر إلى هذه العبادة التي اشتملت على كلمة التوحيد فتحت للعبد أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء مع أن كثيرا من العبادات تشتمل على كلمة التوحيد ولهذا قال الحافظ ابن رجب " فإذا كان الوضوء مع الشهادتين موجبا لفتح أبواب الجنة صار الوضوء نصف الإيمان بالله ورسوله بهذا الاعتبار " ولهذا ذكر الله الضوء وصفته في في قوله تعالى " : ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مّنْكُم مّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مّنْ حَرَجٍ وَلَاكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6]. وآية المائدة هذه، من أعظم آيات القرآن مسائل، وأكثرها أحكاما في العبادات، ويحق ذلك، فإنها في الوضوء وهو شطر الإيمان قال أبو بكر بن العربي: لقد قال بعض العلماء: إن في آية المائدة هذه، ألف مسألة، واجتمع أصحابنا بمدينة السلام، فتتبعوها فبلغوها ثمانمائة مسألة ولم يقدروا أن يبلغوها ألفا، وهذا التتبع، إنما يليق، بمن يريد تعريف طرق استخراج العلوم من خبايا الزوايا اهـ. ولعظم هذا الوضوء جعله الله شرطا للصلاة كما جاء في الصحيحين ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) ورى مسلم في صحيحه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول
إذا جاء يوم القيامة واختلطت الأمم امتازت أمّة محمد بالوضوء، فعن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة، ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فرّوخ، أنتم ها هنا؟! لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي يقول: ((تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء)) رواه مسلم، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه، فأنظر إلى ما بين يدي، فأعرف أمتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك))، فقال رجل: يا رسول، كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟! قال: ((هم غر محجَّلون من أثر الوضوء، ليس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتَون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم تسعَى بين أيديهم ذرّيَّتهم)) رواه الإمام أحمد وأصله في الصحيحين.
والضوء سبب لتكفير الذنوب والخطايا، كما روى مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ما من امرئٍ مسلمٍ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهرَ كله)) رواه مسلم.
ومن أعظم فضائل الوضوء أنه مضعف لتسلط الشيطان على ابن آدم ولهذا شرع الوضوء عند الغضب وهو جمرة من الشيطان بضعها في قلب العبد وكذلك شرع قبل النوم لأن النائم في غفلة وشرع بعد أكل لحم الإبل لأنها خلقت من جن ولأن الشيطان مصاحب لمباركها وظهورها من حافظ على هذا الوضوء في كل يوم وليلة فإنه جدير أن يتصف بالإيمان، ومن هنا نعلم قول الرسول في الحديث الذي رواه ثوبان رضي الله عنه أنه قال: ((استقيموا ولن تحصُوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة, ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) رواه مالك وأحمد وابن ماجه والدرامي، فما بالكم ـ عباد الله ـ بمن لا يحافظ على الصلاة؟! أترونه يحافظ على الوضوء؟!!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا " بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه والشكر على توفيقه وامتنانه وأشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه أما بعد :
معشر المصلين : ولئن كان هذا الوضوء بهذه المثابة فعلى العبد أن يحي وضوءه وأن يتمه ويعتني به وبهذا يعلم خطأ بعض الناس حينما يمسح أعضاء الوضوء مسحا لا يسيل الماء على يده إما خوفا من البرد أو خشية أن يتأثر الثوب والملابس فهذا خطأ عظيم والوضوء لا يجزئ فمن شرط الوضوء الغسل وهو أن يسيل الماء على العضو كما جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رجعنا مع رسول الله من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريقفجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته رسول الله : ((ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء))
ومن الأخطاء في الإسباغ أن بعض الناس حينما يغسل يديه إلى المرفقين فإنه يبدأ بغسلها من كوعه أي أنه لا يدخل الكف والأصابع في الغسل والواجب أن يبدأ بغسه من بداية أصابعه فإن قال إني قد غسلت الكف والأصابع في أول الوضوء نقول إن هذا الغسل للكف من سنن الوضوء والله يقول وأيديكم إلى المرافق واليد تبدأ من الأصابع فعليه أن يعيد غسل كفيه مع يديه إلى مرفقيه في الوضوء ولا يكتفي بغسلها أول مرة
وإذا كان على اليد أو غيرها من أعضاء الوضوء جرح يضره الغسل فلا يغسله، فإن وضع عليه دواء أو خرقة فيجب أن يكون ذلك بقدر الحاجة، وأما يفعله بعض الناس من أنه إذا كان جرح في رأس إصبعه فإنه يشد خرقة على إصبعيه كله من غير حاجة فهذا لا يجوز بل عليه أن يكون بقدر حاجته، ثم بعد ذلك يمسح عليه عند الوضوء، ولا يحتاج إلى التيمم بعد ذلك،
عباد الله وكما أن الوضوء يطرد به الشياطين فإنّ الوضوء مرتَع خصب يجول الشيطان من خلاله على قلوبِ بني آدم، يقول إبراهيم بن أدهم: "يقال: إنّ أول ما يبتدئ الوسواس من قبل الطهور"، ويقول الحسن البصري: "إن شيطانًا يضحَك بالناس في الوضوء، يقال له: الولهان".
فترى أحدَهم إذا جاء للوضوء لعِب به الشيطان، فجعل يخلِط عليه نيّته، يقول: أرفع الحدث لا بل أستعدُّ للصلاة، لا بل أتطهَّر، إلى غير ذلك من ألفاظ يلبِّس بها الشيطان على أهل الوضوء، بل ربما فاتَ الإنسان وقت الصلاة وهو لا يزال في معركةِ وضوئه، يتوضّأ أحدهم بالألتار من الماء، ولا زال في نفسه: أبَلغَ الماء إلى جميع مواضع الوضوء أم لا؟!
وقد روى أحمد وغيره أنه جاء أعرابي إلى رسول الله يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا ثم قال : ((هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم)) وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن المغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بنيّ، سلِ الله الجنة وتعوّذ به من النار، فإني سمعت رسول الله يقول: ((سيكون في أمتي قوم يعتدون في الطهور والدعاء)).
.ثم صلوا وسلموا على رسول الهدى وإمام الورى فقد أمركم ربكم فقال جل وعلا " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...وانصر عبادك الموحدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم اللهم عليك باليهود المعتدين والنصارى المحاربين اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم أحصهمم عددا .......اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا اللهم وفقهم لما يرضيك وجنبهم معاصيك اللهم تب على التائبين واهد ضال المسلمين اللهم ردهم إليك ردا جميلا اللهم ارفع ما نزل من الفتن ...اللهم اغفر لنا ولوالدينا ...عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العلي العظيم يذكركم واشكروه على نعمكم يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون