هذه طبيعة ابن آدم وهو أنه يحب أن يرمي بأخطائه على غيره حتى إنه ليرمي بأخطائه على ربه حتى قال : ( لو شاء الله ما أشركنا ) والشريعة قطعت هذا العذر حتى قال الله ( كل نفس بما كسبت رهينة ) وقال ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته ) فتفريط المسؤول ليس عذرا لوقوعك في المحظور ، بل إن كثيرا من أهل الصلاح يضيع مجالسه بالكلام على أخطاء المسؤولين أكثر من توجيه العامة بأخطائهم ويخرج الناس من مجلسه وهم يظنون أنهم معذورون من أخطائهم بسبب خطإ المسؤول ، فلذا وجدنا من العامة من يقع في الموبقات ويتكلم في المسؤول لأنه وقع في مسائل خلافية واجتهادية وقد جعلها في عينه من العظائم أما تفريطه في رعاية بيته ووقوعه في المنكرات وتساهله في بعض الواجبات المجمع عليها فلا يفكر فيها كما يفكر في خطإ المسؤول ، كل هذا مما ابتلينا به ، وقد كنت في أحد المجالس وتكلم رجل عن قرار من القرارات الاجتهادية وهي مما اختلف فيه أهل العلم ويتهم النوايا فيه ، وقد كان قبل أيام يسألني شاكيا بأنه يشكو من تفريطه في صلاة الفجر كثيرا ، بسبب سهره مع زملائه ، وأنه يصليها بعد خروج وقتها في كثير من الأحيان ، من كانت هذه حاله هل يجد الوقت الكافي لبحث هذه القضايا وأمثالها وهو قد وقع في هذا الأمر الجلل ، ليت تأنيبنا للمسؤلين بأخطائهم يساوي تأنيبنا وعتابنا لأخطائنا ، ولكنها مداخل الشيطان ، فليس وجود المنكر أو المحرم هو السبب الحقيقي في انغماس الناس فيه وإنما السبب هو تقصير أهل الدعوة والإصلاح في توجيه الناس ، وتقصير الناس أنفسهم أيضا ، هذه فوائد الربا في البنوك المجمع على تحريمها عند أهل التحقيق لماذا عامة العامة لا يأخذونها بل ولا يفكرون بها مع أن شهوة المال من الشهوات العظيمة ومع ذلك انصرف كثير من الناس عنها ، والجواب أنه بسبب التوجيه والتحذير ودور العلماء والمصلحين ، فليت أهل الدعوة والعلم مع العامة ينشغلون بهذا المنهج وهو دعوة العامة للخير ونشر الخير والله المستعان.