الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد : فهذه فوائد منتقاة من شرح شيخنا : سليمان بن خالد الحربي حفظه الله تعالى ، على (باب المسح على الخفين ) من كتاب زاد المستقنع ،أسأل الله أن ينفع بها ويبارك فيها .
١- أتى المؤلف بهذا الباب بعد باب فروض الوضوء وصفته ولم يذكره بعد باب نواقض الوضوء : لأن المسح من الوضوء وداخل في أحد أعضاء الوضوء.
٢- المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة وقد نقل الإجماع ابن المنذر وغيره.
٣- يذكر بعض العلماء المسح على الخفين في كتب العقيدة كالطحاوي والبربهاري وغيرهم لمخالفة الرافضة فيه حتى صار شعاراً لهم .
٤- قال ابن عبدالبر رحمه الله تعالى : (لاأعلم أحداً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خالف في هذا ولا من التابعين ولامن الأئمة ، وأما ماروي عن مالك فهو خلاف مافي موطئه وهي منكرة عليه) .
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : (ليس في قلبي من المسح شيء ، فيه أربعون حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم).
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى :( حدثني سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين) رواه ابن المنذر في الأوسط.
٥- جمهور أهل العلم على أن للمسح توقيت لحديث علي عند مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ) .
وحديث صفوان بن عسال عند أحمد وأهل السنن.
وقيل : ليس للمسح توقيت وهي رواية عن مالك ولكنّ النص على خلافه.
٦- مسألة / متى تبدأ مدة المسح؟
فيه خلاف :
القول الأول / قول الجمهور أن المدة تبدأ من الحدث بعد اللبس لأن الحدث سبب الوضوء فعلق الحكم به ولأن الأحكام تتعلق بأسبابها ولزيادة في الحديث (يمسح المقيم ...... من الحدث إلى الحدث) إلا أن هذه الزيادة باطلة لاأصل لها في كتب السنة وإنما يذكرها الفقهاء في كتبهم .
القول الثاني / تبتدأ المدة من المسح بعد الحدث وهذا رواية عن أحمد ورواية عن مالك واختاره شيخ الإسلام واستدلوا بظاهر النصوص حيث علقت بالمسح مثل قوله (يمسح المقيم...) .
القول الثالث / تبدأ المدة من أول مسح وهذا القول ينسب لعمر رضي الله عنه وابن المنذر ولكن عند الرجوع لأقوالهم لا يطهر أنهم ينصون على تقصد المسح أو الحدث وثمرة الخلاف مع القول الذي قبله هو في تجديد الوضوء هل يعتد بهذا المسح أم لا والأخذ به أحوط .
٧- أجمع أهل العلم على اشتراط طهارة الخفين لصحة المسح.
٨- المسح على الخف المتنجس لا يصح عند جمهور الفقهاء ، وهذا ظاهر لأن من شرط الوضوء طهارة المحل .
٩- لا يصح المسح على الخف المحرم كالمغصوب والمسروق عند الحنابلة لأن الصلاة في ثوب محرم لا تصح .
وقيل تصح مع الإثم وهو قول أكثر أهل العلم وهو الصواب.
وعندنا قاعدة (النهي إذا كان يتعلق بأمر خارج العبادة لايبطلها ، وإذا كان يتعلق بذات العبادة أبطلها).
١٠- مسألة المسح على الخف المخرق؟
القول الأول / المشهور من المذهب لايصح المسح عليه مطلقا ، وتعليلهم لأن ماظهر فرضه الغسل والغسل لايجتمع مع المسح فلا يجتمعان في عضو واحد.
القول الثاني/ لايشترط أن يكون الخف ساتراً للمفروض ، فكل ماوقع عليه اسم الخف ولو كان مخرقاً ويظهر بعض محل الفرض يصح المسح عليه لأن النصوص مطلقة ولأن كثير من الصحابة فقراء فلاتخلو خفافهم من خروق .
وهذا مذهب إسحاق بن راهويه والثوري واختاره ابن المنذر وابن تيمية وهوالصواب.
وقيل يفرق بين الخرق الصغير والكبير وهو مذهب أبي حنيفة .
١١- الصواب في مسألة الجورب الشفاف أنه يجوز المسح عليه حكي عن عمر وعلي ضي الله عنهما وهو مذهب إسحاق بن راهويه وداود الظاهري واختاره ابن حزم وابن تيمية وابن عثيمين ، خلافا لعامة الفقهاء فهم لا يصححون المسح على الشفاف .
١٢- مذهب الحنابلة أنه يشترط أن يثبت الخف بنفسه ، والصحيح أنه لايشترط وهو مذهب أبي حنيفة وغيره ، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين. بل العلماء اختلفوا في المسح على الجورب إذا لم يكن منعلا من أسفله واختلفوا في اشتراط كونه صفيقا أي سميكا وثخينا يمنع الماء أن يصل للعضو ويمنع رؤية الجلد ، والصحيح كما سبق أنه لا يشترط كما سبق في الجورب الشفاف .
١٣- مسألة/ المسح على العمامة ؟ الصواب جواز المسح عليها ولايلزم خلعها عند الحنابلة وهو من مفرداتهم خلافا لجمهور الفقهاء واشترط الحنابلة في العمامة أن تكون لرجل وتكون محنكة أو ذات ذؤابة وعارض شيخ الإسلام في هذا الشرط وقال : لادليل عليه ، وعنده أن كل ماعسر فكه ونزعه جاز المسح عليه وهو الراجح لأنه لايوجد شرط عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك.
١٤- الصواب أنه لايشترط للعمامة بالنسبة للرجل، والخمار بالنسبة للمرأة : التوقيت والطهارة.
١٥- المسح على الخمار للمرأة؟ من مفردات المذهب : ودليل الجواز فعل أم سلمة رضي الله عنها فإنها كانت تمسح على خمارها.
وأكثر أهل العلم على أنه لايصح أن تمسح المرأة على الخمار ، والصواب الأول.
١٦- من شروط المسح على الخفين أن يلبسهما بعد كمال الطهارة وأن يكون من حدث أصغر وهذا بالإجماع.
١٧- الجبيرة هي كل مايوضع على الجرح ليجبر أو يشفى وسميت جبيرة تفاؤلاً،
ولا يشترط في المسح على الجبيرة أن يكون بعد كمال الطهارة وهو قول أبي حنيفة ومالك ورواية عند الحنابلة واختيار ابن تيمية وابن عثيمين وهو الصواب خلافا المشهور من مذهب الحنابلة .
١٨- يجوز المسح على الجبيرة حتى في الحدث الأكبر وهذا محل إجماع نقله النووي.
١٩- لايوجد حديث صحيح في المسح على الجبائر ، ولكن ثبت عن جملة من الصحابة المسح على الجبائر.
٢٠- مسألة / لوتوضأ ثم غسل رجله اليمنى وأدخلها الخف ثم غسل اليسرى؟
المشهور من المذهب : عدم الجواز لأن الطهارة لم تكتمل ، ودلالة حديث المغيرة (فإني أدخلتهما طاهرتين).
وقيل : يجوز ذلك وهذا قول أبي حنيفة في المشهور عنه ورواية عن أحمد واختيار ابن تيمية ، لأنه لم يدخل اليمنى إلا بعد أن طهرها وكذلك اليسرى فيصدق عليه أنه أدخلهما طاهرتين وهو الصواب .
٢١- من مسح في سفر ثم أقام فإنه يتم مسح مقيم إن بقي من مدته شيء وإلا خلع الخف إجماعا .
٢٢- من مسح في إقامة ثم سافر/
المذهب : يتم مسح مقيم تغليباً لجانب الحظر احتياطاً .
والرواية الثانية عن أحمد: يتم مسح مسافر وهذا قول أبي حنيفة وهو الصواب مالم تنته مدة الحضر قبل سفره .
٢٣- إذا أحدث ثم سافر قبل مسحه فإنه يمسح مسح مسافر وهذا قول المذهب والجمهور وهو الصواب لأن ابتداء المسح كان في السفر .
٢٤- إذا ظهر بعض محل الفرض بالخلع أو تمت مدته فإنه يبطل المسح إجماعا .
٢٥- هل تبطل وتنتقض الطهارة بانتهاء المدة ؟
الذي عليه الجمهور : تنتقض الطهارة .
وقيل : لاتبطل الطهارة وهذا قول الحسن وابن حزم واختاره ابن تيمية وابن عثيمين وهو الصواب .
قال الحسن كما عند البخاري تعليقاً(إن أخذ من شعره وأظفاره أو خلع خفيه فلا وضوء عليه).
٢٦- إذا لبس خفاً على خف قبل الحدث فالحكم للفوقاني .
وإذا لبس خفاً على خف بعد الحدث فالحكم للتحتاني عند الحنابلة ، وعلى الراجح الحكم يتعلق بالفوقاني.
وإذا لبس خفاً على خف بعد المسح فالراجح أن المدة تتعلق بالتحتاني ويجوز أن يمسح على الفوقاني إذا لبسه على طهارة مسح ، وأما إذا لبسه على غير طهارة مسح فلايجوز المسح على الفوقاني وهو قول الجمهور واختيار ابن عثيمين وهو الأحوط ، وقال بعض الفقهاء المتأخرين : يجوز وينتقل للفوقاني .
٢٧ - إذا نزع الفوقاني قبل الحدث فيمسح على التحتاني.
وإذا نزعه بعد الحدث فقيل : لاينتقل للتحتاني وهذا المشهور عن أحمد، وقيل : يرجع للتحتاني وهذا رواية عند الشافعية واختيار ابن عثيمين وهو الصواب.
وإذا نزع الفوقاني بعد المسح؟
فالجمهور على عدم جواز المسح على التحتاني لأن المدة تتعلق بالممسوح والممسوح أزيل.
وقيل : المسح ينتقل للتحتاني وهذا مذهب أبي حنيفة واختيار ابن عثيمين وهو الصحيح لأن المسح باقٍ فينتقل للتحتاني.
٢٨- صفة المسح / لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد في صفة المسح.
وهل يستوعب المسح على الخف ؟
مالك يرى الاستيعاب ومذهب أبي حنيفة : يكفي الأصابع، والصحيح مذهب أحمد : يمسح أكثر ظاهر القدمين ولاتمسح كلها فالممسوحات تقوم على الأغلبية.
والأمر واسع ، وعلى أي صفة مسح صح باليد اليمنى أو اليسرى أو جميعاً يصح.
٢٩- وصفة المسح على العمامة : يمسح على أكثر العمامة لأنه مبني على أصل وهو مسح الرأس والمطلوب هو التعميم.
٣٠- صفة المسح على الجبيرة :
المذهب والجمهور وهو الراجح أنه يمسح على جميع الجبيرة لحديث صاحب الشجة (ويمسح عليها) ولأن الجبيرة وضعت للضرورة وليست رخصة ، وثبت عن جملة من الصحابة أنهم يمسحون على الجبائر.
والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.