السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فضيلة الشيخ سليمان بن خالد الحربي ، أرجو منك أن تبين حكم الإحرام بالوزرة المخاطة بشكل تنورة ، هل يجوز الإحرام بها أم لا ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
الإحرام بالإزار المدور بالخياطة جائز في أصح القولين ، وهو الذي يرجحه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .
وذلك لأن العلماء اختلفوا في تحقيق المناط في اللباس ، وما الوصف الجامع الذي إذا وجد منع هذا اللباس ، وإذا انتفى جاز .
فمثلا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن السراويل ، والعرب تفهم معنى السراويل بأنها ما جُعل غطاء للقدمين والفخذين مع العورة ، وهذا اتفق العلماء على منعه .
لكن لما تكلموا عن التبان وهي السراويل التي تغطي العورة الغليظة فقط ، من غير أن تستر الفخذين والقدمين أو بعضها وهي معروفة في زماننا ، اختلف العلماء في تحقيق المناط في هذا اللباس :
1- فمنهم من أجازها ، وهو منقول عن عائشة رضي الله عنها ، وقول لبعض المالكية ،لأنه سيستر البدن بالإزار فوقها ، وهو لم يلبس السراويل الممنوعة .
2- ومنهم من منعها وهم الجمهور ، لأنه رأوا أن التبان داخل في مسمى السراويل ؛ فهو يستر العورة وهو المقصود الأعظم من لبس السراويل .
وهكذا فتحرير المناط في الملبوس ليس أمرا جديدا بين أهل العلم .
ومثل هذا لبس الخف الذي يظهر معه الكعبان مع وجود النعلين ، وهي معروفة في زماننا بالكنادر فقد اختلف العلماء فيها ، وسبب الخلاف هو في تحرير المناط :
1- فمنهم من ألحقها بالخفين فمنعها إلا لحاجة ؛ وهم الجمهور . وذلك لأنها غطاء للقدمين ، وقد غطت أكثر القدم .
2- ومنهم من ألحقها بالنعلين فأجازها مطلقا ، ولو مع وجود النعلين ومنهم أبو حنيفة وابن تيمية وغيرهما ‘ وذلك لأن الممنوع هي الخفاف التي تغطي الكعبين مع القدمين ويمسح عليها ، أما إذا لم تغط الكعبين فليست بخف .
ومثل هذا الإحرام بالإزار المدور بالخياطة ، فالشريعة أمرت بالإحرام بالإزار الذي يغطي العورة والفخذين والساقين ، فاختلف العلماء في تنقيح وتحقيق المناط في الإزار ، فهل هو الذي يغطي هذه الأجزاء بغض النظر عن هيئته وطريقة وضعه أم لا ؟
ولذلك اختلف العلماء في وضع التكة والحجزة على الإزار ووصله ، وهو مالم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهل وضعه يؤثر على الإحرام ؟ هذا سبب الخلاف :
1- فذهب الشافعي ، ورواية عن أحمد وغيرهما : إلى جوازه مطلقا ، وأن الزيادة في التحوط للبسه لا تؤثر عليه ؛ لأن المقصود هو ستر هذه الأعضاء بلباس واحد ، ولا يؤثر فيه التكة .
2- ومنعه غيرهم ، بناء على أن الإزار الذي أحرم به الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه تكة وحجزة ، ومثله الحزام الذي يضعه الناس اليوم ، دون نكير ‘ مع أن الحنابلة لهم رواية في منعه ، وسبب ذلك هو تحقيق المناط .
وعليه فهذا الإزار المدور بالخياطة : سبب الخلاف فيه هو تحقيق المناط ، فهل خياطته تؤثر في حكمه أم لا تؤثر ؟ كما لم يؤثر وضع التكة والحجزة والحزام وغيرها .
والراجح الذي لا مرية فيه هو جواز الإحرام بهذا اللباس ، ومن أظهر الأدلة أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أمور محددة ؛ ولو قصد الخياطة أو نحوها لقال صلى الله عليه وسلم : لا تلبسوا ما خيط على أي عضو أو ما فُصِّل على قدر العضو ، وهو الذي أوتي جوامع الكلم وشريعته صالحة لكل زمان ومكان ، لكنه عد اللباس الممنوع وأحصاه ، ويدخل فيه ما كان من معناه ، ولهذا فإن الإزار لم يتكلم عنه ولم يجعل له ضابطا ، فدل على العموم .
أما إذا دخل فيه ما يكون من مسمى الممنوع : فلا يجوز . كما لو خيط معه سراويل قصيرة فهنا ينهى عنه بسبب السراويل ، أو خيط معه الرداء فينهى عنه لكونه دخل في مسمى القميص وهكذا .
الأربعاء 26/11/1439ه |