كتاب المحرر: باب الحيض (الجزء الثالث)

الدرس
كتاب المحرر: باب الحيض (الجزء الثالث)
3231 زائر
22/02/2012

* وَعَن حمْنَة بنت جحش قَالَت : " كنت أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة فَأتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أستفتيه وَأخْبرهُ فَوَجَدته فِي بَيت أُخْتِي زَيْنَب بنت جحش فَقلت : يَا رَسُول الله ! إِنِّي أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة فَمَا تَأْمُرنِي فِيهَا ، قد منعتني الصّيام وَالصَّلَاة ؟ قَالَ : أَنعَت لَك الكرسف فَإِنَّهُ يذهب الدَّم ، قَالَت : هُوَ أَكثر من ذَلِك ؟ قَالَ : فتلجمي ، قَالَت : هُوَ أَكثر من ذَلِك ، قَالَ : فاتخذي ثوبا ، قَالَت : هُوَ أَكثر من ذَلِك إِنَّمَا أثج ثَجًّا . فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ : سآمرك بأمرين أَيهمَا صنعت أَجْزَأَ عَنْك فَإِن قويت عَلَيْهِمَا فَأَنت أعلم ، فَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ ركضة من الشَّيْطَان ، فتحيضي سِتَّة [ أَيَّام ] أَو سَبْعَة أَيَّام فِي علم الله ، ثمَّ اغْتَسِلِي ، فَإِذا رَأَيْت أَنَّك طهرت واستنقأت فَصلي أَرْبعا وَعشْرين لَيْلَة [ أَو ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة ] وأيامها ، وصومي وَصلي فَإِن ذَلِك يجزئك ، وَكَذَلِكَ فافعلي كَمَا تحيض النِّسَاء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرن ، فَإِن قويت عَلَى أَن تؤخري الظّهْر وتعجلي الْعَصْر [ فتغتسلين حِين تطهرين وتصلين الظّهْر وَالْعصر ] جَمِيعًا ثمَّ تؤخرين الْمغرب وتعجلين الْعشَاء ثمَّ تغتسلين وتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ فافعلي ، وتغتسلين مَعَ الصُّبْح وتصلين ، وَكَذَلِكَ فافعلي وصومي إِن قويت عَلَى ذَلِك ، فَقَالَ ، رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ : وَهُوَ أعجب الْأَمريْنِ إِلَيّ " رَوَاهُ أَحْمد ، وَأَبُو دَاوُد ، وَابْن مَاجَه ، (وَالتِّرْمِذِيّ وَهَذَا لَفظه ، وَصَححهُ ، وَكَذَلِكَ صَححهُ أَحْمد بن حَنْبَل ، وَحسنه البُخَارِيّ ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : (تفرد بِهِ ابْن عقيل وَلَيْسَ بِقَوي) ، ووهنه أَبُو حَاتِم . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ (تفرد بِهِ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل ، وَهُوَ مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج)) .

هذا الحديث رواه الخمسة الا النسائي من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش .

رواه عن ابن عقيل جماعة كثر منهم زهير بن محمد وعمرو بن ثابت وشريك وابن جريج وموسى النهدي وعبيدالله الرقي وجماعة .

قال الترمذي في جامعه : قال البخاري : قال ابن حنبل حديث حسن صحيح .

وقال الترمذي في العلل : قال البخاري : كان أحمد يقول هو حديث صحيح .

وقال أبو داود في سننه : سمعت أحمد يقول حديث ابن عقيل في نفسي منه شيء.

وقال ابن رجب : المعروف عن أحمد أنه ضعفه ولم يأخذ به , وقال مرة - أي أحمد - : ليس عندي بذاك وحديث فاطمة أصح منه وأقوى اسناداً .

وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول به والأخذ به .

وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . وقال في العلل : حديث حسن .

وقد صححه الإمام ابن القيم رحمه الله , وصححه البغوي , وقال النووي إن الأئمة صححوه .

فهؤلاء الأئمة نقل عنهم التصحيح .

وضعفه آخرون , قال ابن أبي حاتم : وهنه أبي ولم يقو إسناده .

وضعفه الإمام بن خزيمة والدارقطني في العلل وقال ابن المنذر : ليس يجوز الإحتجاج به . وضعفه الإمام ابن منده , وضعفه ابن حزم , وأومأ إلى تضعيفه البيهقي .

وهذا الحديث كما ترون اختلف الأئمة فيما بينهم في صحته وضعفه

علل الحديث :

1- أعل هذا الحديث بتفرد عبد الله بن محمد بن عقيل , وسبق معنا هذا الرجل , وهذا الرجل راوٍ مشهور كثير الرواية , أجمع أهل العلم على عبادته , واختلفوا في الإحتجاج به , قال ابن عيينة : أربعة من قريش يترك حديثهم وذكر ابن عقيل منهم .

وضعفه ابن المديني وابن معين وأبو حاتم وابن حبان وقال ابن سعد : منكر الحديث , لا يحتجون بحديثه .وقال الإمام أحمد : منكر الحديث .

وضعفه النسائي .

ووثقه آخرون , قال الترمذي في جامعه : كان أحمد والبخاري وإسحاق يحتجون بحديثه وليس بذك , الشاهد أنه وثقه جماعة .

وهذا الرجل مما اختلف فيه والذي يظهر - والله أعلم - أنه حسن الحديث ما لم يخالف أو يرو ما ينكر .

وقد تفرد بأحاديث صححها بعض الأئمة منها هذا الحديث .

ومن الأحاديث التي تفرد بها ولم يروها غيره حديث رواه أحمد وغيره من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب أن رسول الله r قال في الصلاة " تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ " لا يروى إلا من طريقه عن علي وله شواهد , وبعض أهل العلم كالترمذي صحح هذا الحديث .

ومما تفرد به أيضاً ما رواه ابن عدي وغيره وأبو يعلى الموصلي وجماعة من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبدالله عن عبدالله بن أنيس في قصته في رحلته إليه في طلب الحديث عندما سمع حديثاً عند عبدالله بن أنيس وفيه سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ( يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان )

وقد صححه بعض المحدثين لكن البخاري في صحيحه ذكره معلقاً : ويذكر عن جابر عن عبدالله بن أنيس .... فهو يضعفه , لأنه ذكره بصيغة التمريض , وذكر الحافظ شاهداً متابعاً عند الطبراني , لكن لا يثبت .

وقول الترمذي : إن البخاري وأحمد يحتجون به فيه تفصيل :

ففرق بين الإحتجاج وبين الصحة والتصحيح .

أحياناً يقول ابن قدامة : ..واحتج به أحمد .... وقد تجد أحمد يسأل عنه فيقول : ضعيف , ومن أصول أحمد أنه يستدل بالحديث الضعيف , إذا لم يوجد غيره .

هنا في هذا الحديث روى ما ينكر وهو الإغتسال لكل صلاة , لمخالفته لحديث عائشة السابق .

فلا يستدل بهذا الحديث على الغسل , فهذه اللفظة مما يُنكر ,

العلة الثانية : الاضطراب .

فقد اختُلِف في إسناده في أسماء الرواة :

فمثلاً : في رواية ابن جريج قال عمر بن طلحه وليس عمران بن طلحه .

العلة الثالثة : أعل بأن البخاري شك في سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد نقل ذلك الإمام البيهقي بلاغاً أي قال : وبلغنا , فلم يذكره بإسناد متصل , فلم يذكره عن البخاري إلا البيهقي , وإمكانية سماع ابن عقيل من إبراهيم بن محمد واردة جداً فقد سمع ابن عقيل ممن هو أقدم من إبراهيم بن محمد كأنس وجابر وابن عمر

إذاً الحديث لا يثبت .

وأما الإمام أحمد فقد اختُلِف عليه , وإن كان الأكثر من الحنابلة على أن أحمد كان يضعفه , عبارة الخلال قال : رجع أحمد إلى القول بحديث حمنة والأخذ به ليس هذا تصحيحاًَ بل احتجاجا واستدلالا , والاستدلال لا يستلزم الصحة .

الإمام أحمد شيخ البخاري , والبخاري نقل تصحيح أحمد , وأبو داود نقل تضعيفه

قال أبو داود : قال أحمد ثلاثة أحاديث في نفسي منها شيء - منها - هذا الحديث .

المسألة الأولى / هل تغتسل المستحاضة لكل صلاة ( سبقت لنا هذه المسألة ) .

المسألة الثانية : أهل العلم يقولون : النساء ثلاثة :

من لها تمييز وعادة ، ومن لها تمييز وليس لها عادة ، ومن ليس لها تمييز ولا عادة

الأولى : سبقت هذه المسألة ورجحنا أنها ترجع إلى العادة .

الثانية : المستحاضة التي ليس لها عادة ولها تمييز فبماذا ترجع ؟

الجمهور / أنها ترجع إلى للتمييز .

وأدلتهم : هي أدلة من قال بوجوب الرجوع إلى التمييز مع وجود العادة .

وذهب بعض أهل العلم / إلى أنها ترجع إلى أقرانها كأمها أوأختها , وهو ضعيف .

والصواب / القول الأول ترجع إلى التمييز , للأدلة السابقة .

والثالثة : المستحاضة ليس لها عادة ولا تمييز :

القول الأول / ترجع إلى عادة نساء قومها وأقرانها , وتأخذ الغالب بينهن , وهذا هو قول الجمهور .

القول الثاني / تجلس أقل الحيض , على الخلاف السابق في أقل الحيض , وهذا قول للشافعي .

القول الثالث / أنها تجلس أكثر الحيض , وهذا قول أبي حنيفة .

والصواب الأول , احتجاجاً بحديث حمنة , ولأن هذا أسهل على المكلفة , وكما هو معلوم بأن باب الحيض مما هو موروث غالباً , زينب بنت جحش وحمنة بنت جحش وأم حبيبة أخوات ,حتى إن آلام الحيض تورث كثيرا .

المسألة الثالثة :

واختلف العلماء هل يجوز الجمع للمرض على قولين :

القول الأول / أنه يجوز الجمع بسبب المرض , وهذا مذهب الحنابلة والمالكية ورواية عند الشافعية واختيار إسحاق بن راهوية والليث وعطاء وجماعة .

واستدلوا :بما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله r جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر " وفي رواية " وَلاَ مَطَرٍ " وفي رواية " وَلَا عِلَّةٍ " وفي رواية " وَلَا مَرَضٍ " قال أبو الشعثاء : فسألت ابن عباس لم صنع هذا ؟ قال : " أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ ".

وجه الدلالة : هو أن الحرج متى وجد جاز الجمع .

قال أبو البركات ابن تيمية: وهذا الحديث حجة في جواز الجمع بسبب المرض.

2- واستدلوا : بحديث الباب , فإن النبي r قال : ".. وتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ "

وسبق أن حديث حمنة لا يثبت .

3- واستدلوا بالقاعدة العامة في باب الجمع : أن علة الجمع هي المشقة .

متى وجدت وجد الحكم , ولهذا جاز الجمع في المطر وجاز الجمع في السفر والوحل وفي الريح الشديدة الباردة إلى غير ذلك .

القول الثاني / أنه لا يجوز , وهذا مذهب الحنفية وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد رحمه الله تعالى

واستدلوا :بأدلة المواقيت , قالوا : إن الأصل في الصلاة أن تكون مؤقتة فلا يجوز الخروج عن هذا الأصل العظيم إلا بدليل , وليس لكم دليل صريح صحيح في هذا , وقالوا : جاء في الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال : " ما صلى النبي r صلاة إلا لميقاتها " وهذا نفي .

2- وقالوا إن الجمع يشق على المريض أكثر مما هو يريحه , لأنه سيصلي الظهر مع العصر ثمان ركعات

والصواب / القول الأول , أما استدلالهم الأول : بأن الأصل في الصلاة المواقيت كلام صحيح . وقولهم : بأنه لم يرد خروجه r عن هذا الأصل , نقول : خرج في مزدلفة وعرفة عن هذا بإجماعكم , الظهر والعصر والمغرب والعشاء , وهذا يخصص حديث ابن مسعود الذي ذكرتموه .

وأما قولهم : إن المريض يكلف الجمع , فهذا إذا وجد فلا يجمع , لكن قد يحتاج المريض إلى أن يجمع كعملية , أو يحتاج لنوم طويل ويتعبه الإستيقاظ , فنقول الرخصة موجودة إذا احتاج لها فعلها , وإذا لم يحتج فلا يجوز له الجمع .

هذا هو الصحيح واختيار ابن تيمية وجماعة من المحققين , أن المرض يجوز فيه الجمع , لكن ليس في الباب حديث صريح صحيح في مسألة الجمع في المرض , يقطع النزاع , لكن هذا هو الراجح .

وقد أجمع أهل العلم أن الجمع بغير سبب أنه مبطل للصلاة , نقل الإجماع ابن عبدالبر في الإستذكارعلى أن من جمع بلا عذر فصلاته باطلة , لكن ذكر عن ابن الماجشون أنه خرم الإجماع وهو مالكي , لكن الصواب ابن الماجشون يقول بالجمع الصوري فقط ولا خلاف في هذا .

مسألة / ماهو المرض الذي يجيز الجمع ؟

- قال الإمام أحمد في الرواية المشهورة عنه : أن المرض الذي يجيز الجمع هو الذي تلحقه به مشقة , فإذا صلى كل صلاة في وقتها جاءته المشقة .

- وذهب الإمام مالك : أن المرض الذي يجيز الجمع هو الذي خشي على عقله , أما ما كان معه العقل موجوداً , فلا يجوز الجمع , لأن المريض يجوز أن يصلي على حسب حاله ولو بقلبه .

والصواب / الأول .

والدليل : القاعدة التي سبقت : أن علة الجمع هي الحاجة والمشقة . وفي حديث ابن عباس : " أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ " والحرج هو المشقة والضيق .

والرسول صلى الله عليه وسلم جمع في عرفة لأجل التفرغ للدعاء على الخلاف في سبب الجمع

قوله (أستفتيه ) فيه سؤال العالم , لابد أن يسأل العامي العالم فيما أشكل عليه ولو كان فيه غضاضة .

( زَيْنَب بنت جحش ) زوجة النبي r .

( فَمَا تَأْمُرنِي فِيهَا ) أي دلني على أمر أفعله .

( قد منعتني الصّيام وَالصَّلَاة ) فيه دليل أنها كانت مستحاضة ومع ذلك ماكانت تصوم وتصلي وكان الدم يمنعها من ذلك .

وفيه دليل أن المستحاضة تصلي وتصوم كالطاهرات .

وفيه أن الجاهل لا يؤاخذ بجهله , وهذا مجمع عليه , لقوله تعالى :{ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وحديث ابن عباس عن النبي r " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان"وحديث " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه" والحديث عند ابن ماجه وإسناده ضعيف وحكمه مجمع عليه .

وفيه دليل أن الرسوب صلى الله عليه وسلم لم يأمر المستحاضة بالقضاء لأنها تمسكت بالأصل

( أَنعَت لَك الكرسف ) أي أصف لك , والكرسف هو القطن .

( فَإِنَّهُ يذهب الدَّم ) تضعه في الفرج .

( قَالَت : هُوَ أَكثر من ذَلِك ) أكثر مما تعتقد .

(فتلجمي ) التلجم شد اللجام بعصابة أو خرقة أو ماشابه ذلك , وذلك أن تجعل شيئاً فتشده عليه لأجل ألا يرتخي فينزل .

(قَالَت : هُوَ أَكثر من ذَلِك ) فقال r : ( فاتخذي ثوبا ) أي فوق اللجام وهو كالتبان وهو مثل الحفائظ الآن .

( أثج ثَجًّا ) أي يصب صباً وزناً ومعنى .

( سآمرك بأمرين أَيهمَا صنعت أَجْزَأَ عَنْك ) أي سأدلك على حالين أيهما صنعت أجزأ عنك.

( إِنَّمَا هِيَ ركضة من الشَّيْطَان ) سبق بيان تسلط الشيطان على بني آدم .

فهذا من الشيطان .

(فتحيضي سِتَّة [ أَيَّام ] أَو سَبْعَة أَيَّام ) امكثي زمن أيام الحيض ..في علم الله , اختار هذا لأن هذا غالب عادة النساء كما هو معلوم بالإستقراء .

(فِي علم الله ) أي في حكمك في حكم الله الذي حكم به عليك وأسنانك عندما تحيضين ستة فأنت في حكم الله لأنه هو ماقدره الله .

( ثمَّ اغْتَسِلِي ) هو غسل الطهارة من الحيض .

( طهرت واستنقأت ) أي من الحيض .

( فَصلي أَرْبعا وَعشْرين ) أي تطهر هذه المدة .

( فافعلي كَمَا تحيض النِّسَاء ) أي أفعلي في حيضك ما يفعل النساء كترك الصلاة

( وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرن ) تغتسلين بعد الحيض .

( وَهُوَ أعجب الْأَمريْنِ ) كل الكلام بناءً على ثبوت الحديث , وأنها تجمع جمعاً صورياً , فهو مشكل على النساء هذا مما يضعف متن الحديث .

( وَهُوَ أعجب ) وقد اختلفوا هل هذا من كلام النبي r أو من كلام الراوي ؟ والصحيح أن الحديث لا يثبت .

( وَحسنه البُخَارِيّ ) حسنه مرة وصححه مرة وسبق لنا هذا الكلام .

( ووهنه أَبُو حَاتِم ) أي ضعفه وسبق بيان هذا .

136** وَعَن عَائِشَة : " أَن أم حَبِيبَة بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف : شكت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الدَّم ، فَقَالَ لَهَا : امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك ثمَّ اغْتَسِلِي ، فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة " رَوَاهُ مُسلم .

هذا الحديث رواه مسلم بهذا اللفظ ثم قال الزهري بعد ذلك : فحدثت بذلك أبا بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام فقال:يرحم الله هنداً(وهي إحدى المستحاضات ) لو سمعت بهذه الفتيا والله إنها كانت تشتكي وتبكي أنها كانت لا تصلي .

ورواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة بلفظ " أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فَقَالَ هَذَا عِرْقٌ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ".

وفي هذا الخبر مسائل سبقت :

منها: أن المستحاضة ترد إلى عادتها في أصح أقوال أهل العلم بدليل قوله " قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ " .

وفيه مسألة : أن الإغتسال للمستحاضة لم يكن من أمر النبي r وإنما هو فعل فعلته أم حبيبة بدليل قوله " فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ " .

وفيه مسألة آخرى : وهي أن المستحاضة إذا اجتهدت وعملت باجتهادها فإنها لا تؤمر بالإعادة في مسائل الحيض بدليل أن الرسول r لم يسألها عن الصلوات السابقة وهو أحد الأقوال في المسألة .

وفيه مسألة : أن المستحاضة كالطاهرة تماماً بدليل : أن الرسول r لم يذكر لها حكماً يميزها عن غيرها فيجامعها زوجها وتقرأ القرآن وتطوف وتدخل المسجد وأما كراهو بعض أهل العلم لجماعها فليس عليه دليل

137 ** وَعَن عَائِشَة قَالَت : " اعتكفت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ امْرَأَة من أَزوَاجه وَهِي مُسْتَحَاضَة ، فَكَانَت ترَى الدَّم والصفرة والطست تحتهَا وَهِي تصلي " رَوَاهُ البُخَارِيّ ، وَأَبُو دَاوُد .

هذا الحديث المؤلف قال رواه البخاري وأبو داود والمحقق أومأ أن إحدى النسخ ليس فيها أبو داود رواه البخاري فقط , وهذا هو الصواب وليس من منهج العلماء أن يذكروا أهل السنن مع الشيخين إلا لفائدة ولا فائدة لعزوه لأبي داود وهو رواه.

في الإسناد مبحثان :

الأول / أعل بالإرسال , فرواه البخاري من طريق خالد الحذّاء عن عكرمة عن عائشة , ورواه عن خالد جماعة كيزيد بن زريع وخالد الواسطي ومعتمربن سليمان وجماعة .

ورواه سعيد بن منصور في سننه قال حدثنا اسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا خالد عن عكرمة مرسلاً , فإسماعيل بن إبراهيم خالف الرواة فرواه مرسلاً عن خالد الحذاء , ولا شك أن القاعدة السابقة : أن رواية الأكثر والأضبط مقدمة على رواية الأقل والأخف ضبطاً , وحديثنا الأكثر رواه موصولاً وصححه البخاري موصولاً وعليه

وقد يصحح الحديث مرسلا وموصولا .

الثاني / قوله " وَهِي تصلي " بعض الرواة ذكرها وبعضهم حذفها :

فرواية يزيد بن زريع عن خالد عند البخاري فيه " وَهِي تصلي "

بينما رواية خالد الواسطي عن خالد الحذاء عند البخاري ليست في الحديث

ورواه مسدد عن معتمر عن خالد به كذلك بدونها كما عند البخاري

فالبخاري روى الوجهين بحذفها وإثباتها

في الحديث مسائل :

المسألة الأولى :

بوب البخاري على هذا الحديث فقال : باب اعتكاف المستحاضة .

قال الحافظ ابن حجر : فهو يفيد الجواز .

وقد نقل إسحاق بن راهويه إجماع المسلمين على أن المستحاضة لها أحكام الطاهرات .

وأحكام الطاهرات من صلاة وصوم والجماع ... , ونقل الإجماع ابن جرير الطبري إلا أنه نقل عن النخعي الفقيه أنه منعها من قراءة القرآن , ولا أظنه يثبت عنه لأن المستحاضة تصلي وسوف تقرأ القرآن !

المسألة الثانية / فيه أن المستحاضة يجوز أن تمكث في المسجد بشرط أن تأمن تلويثه , بدليل " والطست تحتها " .

المسألة الثالثة / في قولها " فَكَانَت ترَى الدَّم والصفرة والطست تحتهَا " :

هل يجب غسل الفرج للمستحاضة عند الوضوء وشد العصابة عليه ؟ هذه المسألة مهمة , اختلفوا على ثلاثة أقوال :

القول الأول / أنه يجب غسل الفرج عند كل وضوء وأن تشد العصابة عليه

وهذا هو مذهب الحنابلة والشافعية , ودليلهم : أن هذا الخارج نجس ينقض الوضوء لابد من إزالته والإستنجاء واجب وتنظيف المحل .

القول الثاني / لا يجب غسل المحل ولا تكرار غسله , بل يجب الشد على المحل فقط إما بخرقة أو عصابة , وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك .

- لأن عند أبي حنيفة قاعدة : أن الإستنجاء ليس بواجب إذا لم يتعد الخارج محل العادة ولا يجب غسل المحل .

- ومالك يرى أن الخارج غير المعتاد لا ينقض الوضوء كابن حزم .

القول الثالث / أنه يجب غسله مرة واحدة وشده مرة واحدة ولا يجب التكرار , وهذه رواية عن أحمد .

والصواب / أنه يفتى بالأحوط كما أفتينا بوجوب الوضوء لكل صلاة في المسألة الأولى فالأحوط أن تشد على فرجها وتنظف المحل عند كل صلاة , خلافاً لمالك وأبي حنيفة وابن حزم .

المسألة الثالثة / اجتهد أهل العلم في معرفة هذه المرأة : فقيل / هي أم سلمة زوجة النبي r روى هذا سعيد بن منصور في سننه وصرح باسمها .

(فَكَانَت ترَى الدَّم والصفرة ) كناية أنه ليس دم حيض .

( الطست ) إناء ليس له عراء وهو مفتوح مقدار الفتحة بمقدار القاعدة ويقال: الطست والطشت , بالسين والشين .

قاعدة : العرب أحياناً يبدلون الحروف كبعض القراءات السين بدل الصاد والسين والشين فإذا تقارب المخرج أو اتحد , وأحياناً

   طباعة 
31 صوت
التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
3 + 7 = أدخل الكود
جديد الدروس
جديد الدروس
ذكر لام هل وبل - شرح متن الشاطبية
تاء التأنيث - شرح متن الشاطبية
ذكر دال ( قد ) - شرح متن الشاطبية
باب الإظهار والإدغام - شرح متن الشاطبية
أهم مسائل المسح على الخفين - الدروس والمقالات
Powered by: MktbaGold 6.6