كتاب المحرر: باب الحيض (الجزء الأول)

الدرس
كتاب المحرر: باب الحيض (الجزء الأول)
7489 زائر
21/01/2012

باب الحيض 7/1/ 1424هـ

باب الحيض عده بعض أهل العلم من أصعب أبواب الفقه , ونقل الأثرم عن الإمام أحمد بن حنبل أنه جلس تسع سنين على باب الحيض حتى ضبطه . وليعلم أن هناك أمرين في باب الحيض لابد من معرفتها لضبط هذا الباب وأن الجهل بها هو السبب في عدم فهم هذا الباب واستشكاله

الأمر الأول / معرفة أصول مسائل الحيض .

لا بد أن تفرق بين مسائل الحيض الأساسية والتي تنبنى عليها تفريعات فقهية وبين مسائل فرعية مبنية على أصل , فبعضهم ينشغل بالمسائل بالفرعية ولم يتصور الأصل !

الأمر الثاني / أن طالب العلم إذا لم يحقق مسائل فليقلد عالما في أصوله . ومن الخطأ أن يقلد أكثر من عالم , لأن كل عالم له أصل في مسألة سوف يفرع عليها عدة مسائل فمن الخطأ أن تقلد عالما آخر في مسألة أخرى هي مبنية على أصل مسألة ، فإما أن تحرر المسائل بنفسك وتبني الأصول عندك ثم تفرع عليها ، وإما أن تقلد مذهباً أو شيخاً وتأخذ آراءه وتبني عليها الفروع .

وأوصي طالب العلم أن يتقي الله في الفتوى في باب الحيض ، فإن من الطلبة من لم يحرر مسألة واحدة ويفتي به وهذه جناية عظيمة على دين الله وشرعه وعلى نفسه , لأن الجواب على السؤال من الشيخ قد يختلف للخصوصية كلمة واحدة في السؤال تغيره . وينبني على الفتوى في مسائل الحيض صلاة المرأة وصيامها

باب الحيض

من عادة المؤلفين تأخير باب الحيض إلى أخر كتاب الطهارة بعد النجاسات , وهنا المؤلف قدم الحيض على النجاسة , لكن صنيع العلماء أولى , لأن النجاسة عامة بخلاف الحيض فالحيض نجاسة خاصة لجنس خاص فالأولى تقديم العام على الخاص

وكذلك أحكام الرجال الأولى أن تقديم على أحكام النساء في الحيض .

والحيض لغة / السيلان , من حاض الوادي إذا سال .

واصطلاحاً / هو دم طبيعة وجبلة يرخيه الرحم يعتاد انثى إذا بلغت في أوقات معلومة .

فهو دم طبيعة وجبلة وليس دم مرض , وإنما فطر الله المرأة على هذا كنزول العرق

والمخاط والدموع

قال البخاري رحمه الله : باب كيف كان بدأ الحيض , وقول النبي r : " هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ "

وقال بعضهم : كان أول ما جاء الحيض على بني إسرائيل . ا.هـ

وصنيع البخاري يدل على أنه يرجح أن الحيض بدأ منذ خلق النساء , لأنه قدمه واستشهد بقول النبي r , ولأن قوله ( قال بعضهم ) إشارة منه إلى تضعيفه

قال الحافظ ابن حجر : وكأن لبخاري يشير بقوله : وقال بعضهم : .. ما رواه عبدالرزاق بإسناد صحيح عن ابن مسعود أنه قال : كان الرجال والنساء من بني اسرائيل يصلون جميعاً , وكانت النساء تتشوف للرجال فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد .

ولا شك أن الراجح هو الأول , وما ذكر عن ابن مسعود لا يعارض الأول , فالجمع / أنه في بني إسرائيل قد يكون زيادة عقوبة عليهن مثلاً بزيادة مدته أو زيادة وجعه .

فإذا لم يكن هذا الجمع حسناً فالقول الأول عن النبي صلى الله عليه وسلم r وهذا عن ابن مسعود .

* والحيض يمنع المرأة من أمور كثيرة منها :

1- يمنع من الصلاة وهذا بالإجماع لحديث مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِى الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّى أَسْأَلُ. قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ .

2- يمنع من الصوم اجماعا للحديث السابق .

والحكمة من قضاء الصوم دون الصلاة قيل إنها تعبدية ولا يعلمها إلا الله وقد استنبط بعض العلماء أن المرأة لو لم نأمرها بقضاء الصيام فإنها قد تموت ولم تصم شهراً كاملاً أو لم تصم إلا مرتين أو ثلاثة , فلو كانت كل سنة تلد في رمضان فلن تصوم إذا قلنا لا تقضي ووافق وضعها أول رمضان , بخلاف الصلاة سوف تصلي وسوف تدرك ركن الصلاة .

3- ويمنع من الطواف وقد نقل ابن تيمية الإجماع على حرمته على الحائض في حال الاختيار بدليل قوله r : " افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ " وهو في الصحيحين .

وأما من حيث الصحة فهو محل خلاف على قولين :

فالجمهور على عدم صحته وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد إلى صحته مع الإثم واختاره ابن تيمية

4- يمنع اللبث في المسجد وقد اختلف أهل العلم في ذلك فقيل يحرم اللبث في المسجد وهو مذهب جماهير أهل العلم لقوله تعالى " ولا جنبا إلا عابري سبيل ) ولحديث أمرنا النبي r " ... فَأَمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى ..." وأصرح من ذلك حديث : " إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِى يَدِكِ "

وقيل يجوز ذلك وهو مذهب الظاهرية واختيار المزني وهذا قول ضعيف لمخالفته ظاهر الأدلة

وأما عبور المسجد فالخلاف فيه أقل فقد ذهب الحنابلة والشافعية إلى جواز ذلك استدلالا بقوله تعالى ( ولا جنبا إلا عابري سبيل " وقول جابر رضي الله عنه " كنا نمر بالمسجد ونحن جنب "

وذهب أبو حنيفة ومالك إلى منعه وليس لهم دليل صحيح صريح

5- ويمنع الطلاق إجماعا لقوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " ولحديث ابن عمر في الصحيحين في قصة طلاقه

واختلفوا في وقوعه على قولين وهي من مسائل الخلاف المشهورة فذهب جماهير أهل العلم إلى وقوعه بل حكي الإجماع على ذلك وقيل لا يقع وهو مذهب بعض السلف كما نقله ابن تيمية وهو اختيار ابن حزم وابن تيمية وابن القيم وغيرهم

ومن مسائل الحيض : العلامات التي يعرف بها الحيض :

أولها / اللون , بدليل ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة t قالت : " " اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فَرُبَّمَا وَضَعْنَا (وَضَعَتِ) الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي "

وجاء عند أهل السنن من حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش في

قوله r : " إِنَّ دَمَ الْحَيْضِ دَمُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ " وهو حديث ضعيف

أولا : لونه أسود وقد يميل إلى اللون البني , وقد يكون معه قطع وأوساخ .

الصفة الثانية / أنه ثخين متجمد بينما دم الجروح دم سائل رقيق .

الصفة الثالثة / الرائحة , فرائحته منتنه , تعرفها النساء .

** مسألة مهمة : تصور دم الحيض طبياً كيف ينزل ؟

المرأة رحمها يغطيه غشاء , ويكون هذا الغشاء رقيق جداً كأنه جدار على الرحم , وحينما تطهر المرأة تبدأ هرمونات وقنوات دموية تغذي هذا الغشاء , فتزيد سماكة هذا الغشاء ويصبح مع مرور الأيام سميك ويتضخم إلى حد كبير جداً , فإذا لقحت البويضة وكتب الله لها جنيناً انتقلت هذه النطفة إلى الرحم , ويتغذى من هذا الجدار الذي انسمك على الرحم , فينقص بسبب الغذاء فلا يزيد .

فإذا لم يكتب الله حملاً أو كانت المرأة غير متزوجة - فإن الله جعل للرحم وقتاً لاستقبال النطفة فإذا لم تدخل النطفة في الوقت المناسب - فينقبض الرحم ويضيق فينهدم هذا الجدار وهذ هو الحيض , فيبدأ خروج هذا الحيض على شكل قطع حتى ينتهي هذا الجدار , ويرجع الغشاء كما كان فإذا طهرت تبدأ من جديد , فالحيض جدار ينهدم وليس عرقاً .

وهو منتن لأنه بقي وقتاً طويلاً , وثخيناً لأنه على شكل جدار انهدم

ومن المسائل المهمة هل الحامل تحيض أم لا ؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين :

القول الأول / أن الحامل لا تحيض , وهذا مذهب الحنابلة ومذهب الشافعي في القديم ومذهب أبي حنيفة , بل قال ابن قدامة هو قول جمهور التابعين منهم عطاء والحسن وجابر بن زيد وعكرمة وابن المنكدر والشعبي والأوزاعي وابن المنذر وأبو عبيد و أبو ثور وجماعة .

واستدلوا بثلاثة أدلة قوية :

الدليل الأول : ما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس أن الرسول r قال في سبي أوطاس : " لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِل حَتَّى تحيض " والصواب في الحديث الإرسال , وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند أهل السنن , وفي إسناده لين , لأن فيه شريكا .

وجه الدلالة : أنه علق الحامل بالوضع , ولو كانت الحامل تحيض لعلقه بالحيض .

وهذا من أقوى الأدلة لو كان ثابتاً .

الدليل الثاني : أن الإجماع منعقد أنه يجوز أن تطلق الحامل وقد نقل الإجماع ابن القيم وغيره , ولو كانت تحيض لاستُفصل في طلاقها كغيرها وسبق لنا الإجماع أن الحائض يحرم طلاقها , فمعناه أن هذا الدم ليس دم حيض للإجماع الأول , ولكي لا يتعارض الإجماعان وهذا من أقوى الأدلة .

الدليل الثالث : ما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن الرسول r

عندما طلق ابن عمر زوجته وهي حائض : " أمره أن يراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً " فدل على أن الحائض دائماً تكون طاهرة .

القول الثاني / وهو أن الحامل تحيض , وهو مذهب مالك والشافعي في الجديد ورواية عن أحمد رجحها كثير من أصحابه وهو أحد قولي عائشة tا.

واستدلوا :

الدليل الأول : أن الله جل وعلا قال : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا ...)

وهذا عام متى وجد الدم فهي حائض .

الدليل الثاني : أن الحيض لم يأت دليل يخصص براءة الحاملات منه .

والقول الأول هو الصحيح للأدلة الشرعية والطبية .

** المسألة الثانية أقل مدة الحيض , ينبنى على هذه مسائل كثيرة جداً ومن ثمراتها وفروعها :

ـ لو نزل معها الحيض قطرتان فهل هو حيض , أو نزل معها الحيض أربع ساعات ثم وقف .

- أو جاءتها عادتها ثم طهرت ثم رجع الحيض لمدة قصيرة هل هذه حيض أم لا؟

اختلفوا في أقل مدة على أقوال كثيرة نذكر بعضها :

القول الأول / أن أقل مدته يوم وليلة , وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة ورواية عن الشافعي .

ودليلهم : أن الرسول r قال: " اجلسي أيام أقرائك " والحديث في الصحيحين وجه الدلالة : سماه أياماً .

والقول الثاني / أن أقل مدته ثلاثة أيام , وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة

ودليلهم : الحديث السابق , وفيه " أيام أقرائك " وأقل الجمع ثلاثة .

والقول الثالث / أنه يوم فقط , وهو المشهور عن الشافعية ورواية عن أحمد .

ودليلهم : الحديث السابق .

والقول الرابع / أنه لا حد له , وهذا هو المشهور من مذهب مالك رحمه الله وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .

ودليلهم :أنه لم يرد دليل يحدد مدة الحيض .

- وبقوله تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ..} فعلق الحيض بوجود الأذى .

*وقد جاءت أدلة عن النبي r والصحابة في تحديد أقل مدة الحيض بعضها نصّية بلفظ " أَقَلُّ الحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ " و " أَقَلُّ الحَيْضِ يَوْمٌ ". وهي احاديث ضعيفة وكل ما ورد في تحديد مدة الحيض لا يثبت .

قال الحافظ ابن رجب : لم يصح عند أكثر الأئمة في هذا الباب توقيت مرفوع ولا موقوف , وإنما رجعوا فيه إلى ما حكي من عادة النساء خاصة .

وقال ابن القيم : لم يأت عن الله ولا عن رسوله r ولا عن الصحابة تحديد لأقل الحيض بحد أبداً ولا في القياس ما يقتضيه .

وما قالاه هو الصواب , ومن أشهر ما روي في هذا الباب ما ذكره البخاري في صحيحه معلقاً في قصة علي مع شريح , لما جاءت امرأة وادعت أنها انتهت عدتها من طلاق ولها شهر , فقال : احكم فيها يا شريح . فقال : إن كانت لتسعة وعشرين يوماً فلتأت ببينة , وإن كانت لأقل من تسع وعشرين فلا يقبل , فقال علي : قالون - أي جيد بالفارسية - .

فيكون يوم حيض وثلاثة عشر يوما طهر ثم يوم حيض ومثلها طهر ثم يوم حيض فهذه تسعة وعشرون يوما

ولكن هذا الأثر لا يثبت وقد ذكره البخاري معلقاً بصيغة التمريض , ففيه ملحظان :

الأول : ضعفه .

والثاني : من جهه الدلالة لا ينضبط فينازع في مدة الطهر وأقلها , فشريح لم يحدد المدة والخلاف قائم أيضا في مدة الطهر

والصحيح أن الحيض دم معروف متى ما نزل هذا الأذى فهي في حكم الحيّض

وهذه المسألة تنبنى على مسألة الطهر كم أقله وأكثره :

بعض أهل العلم/ فرق في أقل الحيض بين مسألة العبادة فقال نجعل احتياطاً أقل شيء , وفي مسألة العدة و الاستبراء نجعل أكثر شيء من باب الاحتياط , وهو قول لبعض فقهاء المالكية .

وابن حزم وابن تيمية / قالوا لا تفريق بين العبادة والعدة .

إلا أن شيخ الإسلام جعل ضابطاً لهذا الشيء : إن ادعت خلاف الأصل فلا بد من بينة

** المسألة الثالثة / أكثر مدة الحيض :

أكثر مدته فيها خلاف طويل :

القول الأول / أن أكثره خمسة عشر يوما , وهذا مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية .

والقول الثاني / أنه عشرة أيام , وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة .

والقول الثالث / أنه ثلاثة عشر يوماً , وهذا قول سعيد بن جبير, وجماعة من التابعين .

والقول الرابع / أنه سبعة عشر يوماً , وهو مذهب ابن حزم ورواية عن أحمد .

والقول الخامس / أنه لا حد لأكثره , وهذا رأي مالك واختيار ابن تيمية .

وقيل غير ذلك .

استدل الحنابلة : بزيادة بقول رسول الله r أنه قال للنساء " تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار.." وفي رواية قال - " تمكث شطر عمرها لا تصلي "

- هذه الزيادة في الحديث " شطر عمرها " لا أصل لها مع شهرتها عند فقهائنا الحنابلة وابن الجوزي في كتابه التحقيق في أحاديث التعليق قال : ويروي أصحابنا ...وذكر هذا الحديث .

وابن لهذا قال حجر في التلخيص الحبير قال : لا يعرف هذا الحديث .

وكذلك ابن عبدالهادي في كتاب التنقيح قال : ولا يعرف .

وكذلك النووي , وخاتمة المحدثين الألباني رحمه الله قال : ليس له إسناد .

وهذا الحديث منتشر مع عدم كونه لا أصل له

وعليه فنقول / لم يثبت دليل عن الله ولا عن رسوله ولا عن الصحابة في تحديد أكثر مدة الحيض .

والراجح / أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً وذلك أنه إذا تجاوز الحيض أكثر الشهر فهذا نوع مرض وليس بطبيعة فالدم الخارج من باب دم الجروح وليس من الحيض

ولهذا الشيخ ابن عثيمين يؤصل أنه ليس له حد , لكن في الفتوى يجعله خمسة عشر يوماً وما زاد فهو دم فساد

وهو اختيار الشيخ ابن باز وابن جبرين يقولون أكثره خمسة عشر يوما .

** المسألة الرابعة / أكثرمدة الطهر:

نقل النووي وشيخ الإسلام وجماعة الإجماع على أنه لا حد لأكثره

** المسألة الخامسة / أقل الطهر بين الحيضتين :

وهذه أيضا مسألة مهمة وله عدة ثمرات فقد اختلف أهل العلم في أقل الطهر بين الحيضتين

القول الأول أنه خمسة أيام , وهذا رواية عن مالك , فإذا طهرت في السادس وانتهت عادتها ثم في اليوم التاسع حاضت فهو دم فساد على هذا القول .

القول الثاني / أنه ثمانية أيام , وهو رواية عن مالك اختارها سحنون .

القول الثالث / أنه عشرة أيام , وهو رواية عن مالك .

القول الرابع / أنه خمسة عشر يوماً , وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد واختيار أبي حنيفة وصاحبيه والثوري واختيار النووي ورواية عن مالك .

القول الخامس / أنه ثلاثة عشر يوماً , وهذا هو المشهور من المذهب عند المتأخرين من الحنابلة .

القول السادس / أنه ليس له حد , وهذه رواية عن مالك اختارها ابن تيمية والمرداوي وابن عثيمين رحمهم الله تعالى , وهذا هو الراجح .

والخلاصة /

أنه ليس في كتاب الله ولاسنة رسول اللهr تحديد لأقل مدة الطهر الفاصل بين الحيضتين .

فلا حد لأقله , ولكن بشرط أن لا يكون مجموع الحيض أكثر من خمس عشرة يوماً في الشهر الواحد وكذلك أن لا يخالف عادتها كما سيأتي من الخلاف في تقديم العادة على التمييز

فهذه مسألة مرتبطة بمسألتين : مسألة أكثر مدة الحيض وأقل الطهر ومسألة هل يقدم العادة على التمييز

** المسألة السادسة / ماهو السن المعتبر الذي تحيض فيه المرأة ويحكم ببلوغها :

أي أقل سن تحيض فيه المرأة , اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :

القول الأول / بأنه تسع سنوات , وهذا مذهب أكثر أهل العلم الشافعي وأبو حنيفة والإمام أحمد .

واستدلوا : بما رواه الترمذي والبيهقي معلقاً كلاهما قال ورُوِّينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : إِذَا بَلَغَتِ الجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ .

وهذا الأثر لا يعرف له إسناد , ولم يقف عليه فيما علمت أحد , وعلى فرض صحته فليس هناك دلالة صريحة في التحديد .

فيرد على هذا الاستدلال بإجماع أهل العلم على أن المرأة إذا لم ينزل معها الحيض بعد التاسعة فليست بالغة إلا بعلامة للبلوغ .

القول الثاني / أنه إذا تمت السادسة فقد بلغت , وهو قول لبعض فقهاء الحنفية .

القول الثالث / أنها سبع سنين وهو قول عند الحنفية

القول الرابع / أنها اثنتا عشرة سنة , وهي رواية عن أحمد اختارها القاضي أبو يعلى من الحنابلة .

القول الخامس / أنه لا حد له , اختار هذا القول ابن رشد من المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية .

واستدلوا على هذا القول : بأنه لم يأت دليل صريح صحيح في التحديد , والتحديد يحتاج إلى دليل , وهذا القول هو الصحيح واختيار الشيخ السعدي وجماعة من المحققين .

قال شيخ الإسلام لا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة ولا لأكثره فمتى رأت الحيض فهي حائض , والله علق الحيض على وجوده , فوجب التعليق على الوجود .

** المسألة السابعة / أكثر سن تحيض فيه المرأة :

القول الأول / أنه خمسون سنة , وهو قول الإمام أحمد واسحاق بن راهوية , ذكر الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي أن الإمام أحمد قال : قالت عائشة رضي الله عنها : ( إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ) ذكره حنبل في مسائله .

وهذا الأثر لا يعرف له إسناد .

وعلى فرض صحة هذا الأثر فمردود من وجهين :

الوجه الأول : أن عائشة لها قول آخر في عدم التحديد ذكره ابن قدامة رحمه الله.

الوجه الثاني : أن هذا قول صحابية ولم ترفعه إلى النبي r وفيه ما يعارضه كما سيأتي .

القول الثاني / أنه خمس وخمسون سنة , وهو مروي عن بعض فقهاء الحنفية .

القول الثالث / أنه ستون سنة

   طباعة 
31 صوت
التعليقات : تعليق
« إضافة تعليق »
01-01-1970 03:00 (غير مسجل)

احمد الحمادي

موضوع مهم جداً
وللاسف الشديد كان اساتذة الجامعة اللي درسوني
يحذفون هذا الباب

بارك الله في قلبك وعلمك وقلمك شيخنا الفاضل
[ 1 ]
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
1 + 1 = أدخل الكود
جديد الدروس
جديد الدروس
ذكر لام هل وبل - شرح متن الشاطبية
تاء التأنيث - شرح متن الشاطبية
ذكر دال ( قد ) - شرح متن الشاطبية
باب الإظهار والإدغام - شرح متن الشاطبية
أهم مسائل المسح على الخفين - الدروس والمقالات
Powered by: MktbaGold 6.6